في شريعتنا الإسلامية الغراء ما ينص على العقاب عن طريق الحبس, أنا لا أتحدث عن سجن عزيز مصر الذي قبع فيه يوسف عليه السلام, و لا عن سجن فرعون الذي هدد به موسى في الآية 29 الشعراء, و إنما عن عهد الرسول صلى الله عليه و سلم, و ما بعده.
صحيح البخاري فتح الباري و من لا يعرفه؟ بابا بعنوان "باب الربط و الحبس" حتى أن ابن حجر علق عن ذلك فقال لا ينبغى لبيت عذاب أن يكون فى بيت رحمة. لأن عمر ابن الخطاب هو أول من اعتمد دارا للحبس و كانت في مكة , اشتراها من صفوان بن أمية بـ 4000 درهم ، جعله تحت سلطة العامل "نافع بن عبد الحرث الخزاعى", و لأن الحبس لا يتعارض مع الدين فاعلم أن القاضى شُرَيــْــــح هو أول من كان قد أعمل الحبس فى الدين.
و اعلم أيضا أن من أهم قضايا الحبس التي يعلمها كل من هب و دب, قضية الشاعر الحطيئة الذي حبسه الصحابي عمر بن الخطاب رضى الله عنه لهجائه ابن بدر, ثم أطلق سراحه لما تضرع في قصيدته المعروفة : ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
ألقيت كاسبهم فى "قـعـر مظلمة" فاغفر عليك سلام الله يا عمر
القعر المظلمة = الحبس
و كذلك معاقبة سعد بن أبى وقاص لمحجن الثقفى بسجنه قرب القادسية أسفل قصر الإمارة و ذلك بطلب من الصحابي عمر بن الخطاب لأن مجن الثقفي أفلت من الشخص الذي رافقه إلى المنفى في إحدى الجزر.
و الأفضل أن لا نقزم ديننا و نقدس شرائع غيرنا, على أنها علمتنا فن العقوبة الإصلاحية و الردعية , فحتى القضايا العصرية كانت لها سوابق في ديننا, فلا تستغرب إن قلت أن التزوير و استعمال المزور كان معروفا قديما و لا تستغرب أن عقوبته كانت الحبس, و مثال ذلك, التزوير في أوراق رسمية الذي قام به معن بن زائدة فأمر المغيرة بن شعبة بحبســــــه. و أن القذف و السب و الشتم أيضا كانت معروفة, و كانت عقوباتها قديما مثلها في قانون العقوبات الحالي, أي الحبس, و مثال ذلك قضية جنائى بن الحرث الذى هجا بنى جرول فنفذ عليه الصحابي عثمان بن عفان عقوبة الحبس, و الهجاء يجمع السب و الشتم و القذف.
ثم أن البيهقى روى أن رجلين كانا يتنازعان على عبد, فأعتق أحدهما نصيبه من هذا العبد، فحبسه النبى صلى الله عليه وسلم حتى باع إحدى غنائمه, و ذلك لأجل الدين المغتصب, و هو ما يعرف حاليا بالتنفيذ بطريق الإكراه البدني. هذا دون أن نضيف كون القرءان تضمن الحرمان من الحرية كعقوبة, فالحبس في التفسير يشمل النفي, فله نفس الأثر على المجرم, كقوله تعالى فى عقاب المحاربين المفسدين {أو ينفوا من الأرض } المائدة33
سردت ذلك حتى أصحح الأفكار الشائعة , و يعلم الزائر الكريم و الأعضاء بأن بعض الجرائم التي عاقب عنها الصحابي علي بن أبي طالب بعقوبة الحبس:
جرائم خيانة الأمانة ـ النصب ـ أكل مال اليتيم ـ الفرار ـ و أعطيتك مثالا عن الإكراه البدني الذي أوقعه الرسول صلى الله عليه و سلم بدوره, و أعطيك أيضا من الفقه: إجماع الفقهاء على ضرورة الحبس المؤقت للمشترك فى جريمة حتى يفصل فيها.
الموضوع منقول عن الحسن في منتدى آخر