مقدمة :
تعتبر الولاية وحدة إدارية مهمة تقوم عليها الإدارة اللامركزية الإقليمية بالجزائر ، هذه الأخيرة التي تكتسي أهمية بالنسبة لكيان الدولة و قوامها فهي عادة ما تبنى على أساس دستوري ،حيث نصت المادة15من الدستور على أن:"الجماعات الإقليمية للدولة هي البلدية و الولاية"،إلى هنا استوقفتنا جملة من التساؤلات حول ماهية هذا التنظيم الولائي و مراحل تطوره عبر التاريخ؟و هيئاته؟و الجهات المكلفة بمراقبته؟
المبحث الأول :لمحة تاريخية عن تطور التنظيم الولائي و الهيئات المكونة له
المطلب الأول : لمحة تاريخية عن تطور التنظيم الولائي
يمكن أن نميز بين مرحلتين أساسيتين كانت قد مرت بهما الإدارة الولائية بالجزائر هما :
الفرع1) مرحلة الاستعمار :
و قد قسمت فيه الجزائر إلى إقليم جنوبي تحت إشراف السلطة العسكرية،و الآخر شمالي مقسم إلى ثلاث ولايات (الجزائر،وهران،قسنطينة) و يخضع هذا الإقليم للقانون المتعلق بالمحافظات أو العمالات في فرنسا.
و قد شكل نظام العمالات خلال الاستعمار صورة لعدم التركيز الإداري ، حيث كان يسير هذه العمالات عامل العمالة (الوالي أو المحافظ) خاضع للسلطة الرئاسية للحاكم العام ، كان يتمتع بصلاحيات و سلطات واسعة بمساعدة نواب له في نطاق الدوائر.إضافة إلى عامل العمالة كان هناك هيئتان:
1- مجلس العمالة:يرأسه عامل العمالة و يعين موظفيه الحاكم العام و له اختصاصات متنوعة و متعددة :قضائية و إدارية.
2- المجلس العام:و كان أعضاءه هم أعيان البلد ليتحول فيما بعد إلى هيئتين انتخابيتين هما المعمرين و الأهالي حيث كانت نسبة التمثيل للأهالي بـ:2/5 من مجموع مقاعد المجلس.
الفرع2) مرحلة الاستقلال:
و قد تميزت بفترتين:
الفترة الأولى:و تم فيها إحداث لجان عمالية جهوية تضم ممثلين عن المصالح الإدارية و ممثلين عن السكان يعينهم الولي الذي يرأس اللجنة،و كان دورها يقتصر على المصادقة على ما يقدمه الوالي من مشاريع و قرارات.
الفترة الثانية:و فيها تم استبدال اللجنة السابقة بمجلس جهوي (عمالي أو جهوي) اقتصادي و اجتماعي حيث كان يتشكل من جميع رؤساء المجالس الشعبية البلدية بالعمالة ، مع إضافة ممثل عن كل من الحزب،النقابة،الجيش، و لم يعد عامل العمالة (الوالي) يرأس هذه الهيئة الولائية باعتبار أن الرئيس ينتخب من بين رؤساء المجالس الشعبية البلدية ، إلا أن الوالي بقي حائزا لأوسع السلطات باعتباره ممثلا للدولة و العمالة في مختلف المجالات .
و بعد صدور الأمر 69/38 المؤرخ في 23ماي1969 و المتضمن لقانون الولاية الذي تأثر بالنموذج الفرنسي فقد قام بناءا عليه التقسيم الولائي على ثلاثة أجهزة أساسية هي:
- المجلس الشعبي الولائي (وهو هيئة منتخبة).
- المجلس التنفيذي للولاية.
- الوالي .
و بعد ذلك عدل في سنة 1979 بعد المؤتمر الرابع للحزب و ذلك من ناحيتين:
1/توسيع صلاحيات المجلس الشعبي الوطني.
2/تأكيد و تدعيم الطابع السياسي لهذه الهيئة بحيث يشترط الانخراط و الانضمام للحزب بالنسبة لكل مترشح لعضوية المجلس.
المطلب الثاني:مفهوم الولاية
الفرع 1) تعريف الولاية
تعرف بأنها جماعة لامركزية و دائرة حائزة على السلطات المتفرقة للدولة تقوم بدورها على الوجه الكامل ،و تعبر على مطامح سكانها لها هيئات خاصة،أي مجلس شعبي و هيئة تنفيذية فعالة.
الفرع 2) خصائص الولاية
لها مجموعة من الخصائص هي:
1/وحدة لإدارية لامركزية إقليمية تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال ،منحت جزء من سلطة الدولة على أساس إقليمي جغرافي .
2/وحدة إدارية لامركزية:حيث تعتبر حلقة وصل بين المصالح و الحاجات المحلية المتميزة عن المصلحة العامة في الدولة.
3/وحدة إدارية لامركزية نسبية:و ذلك لأن أعضاء المجلس الشعبي للولاية يتم انتخابهم،بينما والي الولاية يعين بمرسوم من قبل السلطة الإدارية المركزية.
4/تتمتع الولاية بالشخصية المعنوية:فهي شخص معنوي عام لامركزي.
5/للولاية اختصاصات متعددة:حيث تضطلع بالمهام الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية في إقليم الولاية.
الفرع 3) إنشاء الولاية
تنشأ الولاية بقانون و يحدد اسم الولاية و مركزها الإداري و التعديل في حدودها الإقليمية يتم بموجب مرسوم يصدر بناء على تقرير وزير الداخلية و باقتراح من المجلس الشعبي الولائي،و تمر عميلة إنشاء الولاية بثلاث مراحل هي:
1/مرحلة التقرير:حيث تتجه فيها السلطة المختصة إلى إنشاء الولاية بعد القيام بالدراسات و المداولات و المناقشات اللازمة لاتخاذ القرار النهائي المتعلق بإنشاء الولاية.
2/مرحلة التحضير:تتمثل في تحضير و تجهيز الوسائل اللازمة القانونية و البشرية و المادية و الإدارية لتنفيذ قانون إنشاء الولاية.
3/مرحلة التنفيذ:و هي المرحلة العملية حيث تدخل في حيز التنفيذ و التطبيق و أن عملية التنفيذ تتصف بالاستمرارية لذا يجب أن تكون هناك متابعة و رقابة مستمرة لوسائل التنفيذ لكي يتم تحقيق الأهداف المرجوة من إنشاء الولاية.
المطلب الثالث:هيئات الولاية
الفرع 1) المجلس الشعبي الولائي
1/تكوينه:يتراوح عدد أعضاءه بين 35 و 55 عضو،بحيث تمثل كل دائرة انتخابية بعضو على الأقل،و ينتخب لمدة 5 سنوات بطريقة الإقتراع العام المباشر و السري.
2/تسيير المجلس الشعبي الولائي:
أ)إنتخاب الرئيس:ينتخب الرئيس من طرف جميع أعضاء المجلس بالاقتراع السري و بالأغلبية المطلقة في الدورة الأولى و، و بالأغلبية النسبية في الدورة الثانية، و في حالة تساوي الأصوات يختار أكبر المترشحين سنا كرئيس للمجلس حسب المادة 25 من قانون الولاية،و لا يشترط أن يكون من القائمة التي نالت أغلبية المقاعد.
ب)الدورات:يعقد المجلس نوعين من الدورات هما:
1)الدورات العادية:و هي أربع دورات في السنة مدة كل واحدة 15 يوم يمكن تمديدها إلى 7 أيام أخرى،و قد نص قانون الولاية على ضرورة عقدها في تواريخ محددة (مارس،جوان،سبتمبر،ديسمبر)و إلا عدت باطلة.
2)الدورات الاستثنائية:و هي دورات تعقد حسب الحاجة سواء بطلب من رئيس المجلس الشعبي الولائي ،أو ثلث أعضاءه أو الوالي.
جـ)المداولات:و تتم بحضور أغلبية أعضاء المجلس و في حال عدم حضور أغلبية الأعضاء في المجلس توجه دعوى ثانية للأعضاء لعقد إجتماع بعد ثلاثة أيام،حينئذ يمكن للمجلس أن يعقد إجتماعه مهما كان عدد الأعضاء الحاضرين. و تخضع مداولات المجلس الشعبي الولائي للقواعد التالية:
1)تكون مداولات المجلس علانية،ضمانا للرقابة الشعبية إلا في حالتين:
- فحص الحالة الانضباطية للمنتخبين الولائيين.
- فحص المسائل المرتبطة بالأمن و النظام العام.
2)تتم المصادقة على المداولات بالأغلبية المطلقة للأعضاء، مع ترجيح صوت الرئيس عند التساوي في الأصوات.
و يحضر الوالي جميع اجتماعات المجلس،و يعلن مستخلص المداولة خلال الأيام الثمانية التي تلي الدورة بالمكان المخصص لإعلام الجمهور في مقر الولاية.
د)اللجان:يمكن للمجلس الشعبي الولائي تشكيل لجان متخصصة لدراسة المسائل التي تهم الولاية سواء كانت مؤقتة أو دائمة،خاصة في المجالات الاقتصادية و المالية، و التهيئة العمرانية و التجهيز و الشؤون الاجتماعية و الثقافية.
3/اختصاصات المجلس الشعبي الولائي:
و تشمل اختصاصاته جميع أعمال التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و تهيئة إقليم الولاية و حماية البيئة،حيث المجالات التي يتداول فيها:
الفلاحة و الري،الهياكل الاقتصادية الأساسية ،التجهيزات التربوية و التكوينية،النشاط الاجتماعي و الثقافي،السكن.
الفرع2) الهيئة التنفيذية