البذلة المهنية للمحامي
________________________________________
يرتدي المحامي عند قيامه بمهامه القضائية بذلة مهنية تعرف ببذلة المحامي. وتتألف البذلة المهنية للمحامي من رداء أسود مع ياقة وكتفية وربطة عنق من الحرير الأبيض وقبعة. وقد تم التخلي عن القبعة فيما بعد رغم انها كانت ترمز الى استقلال المحامي الذي كان يرافع وهو واضع قبعته على رأسه ولم يكن يزيلها الا وقت النطق بالحكم . ولا يوجد اي نص يحدد مميزات بذلة المحامي على عكس ما هو قائم بالنسبة لبذلة القاضي .
والبذلة المهنية للمحامي قديمة قدم المهنة وأصلها كهنوتي ( Cléricale ) باعتبار ان المحامين كانوا في الأصل رجال دين (Clercs ).
ففي العهد القديم كان المحامون يرتدون اللباس التقليدي للكهنة ثم أضافوا إليه خلال القرن الخامس عشر الياقة والكتفية ثم بعدها ربطة العنق.
وكان المحامون يرتدون البذلة المهنية السوداء كبذلتهم اليومية وفي جميع المناسبات سواء العمومية أوالخاصة. الا انهم كانوا يرتدون البذلة الحمراء في الاحتفالات الرسمية الى حد كتابة احد المحامين وهوMaître Jacques Lescornay مؤلفا عن "البذلة الحمراء" اخد عنه احد النقباء وهوDupin Ainé واورد ان المحامين كانوا يرتدون البذلة الحمراء بمناسبة الحفلات الرسمية وبالخصوص عند دخول الملك والملكة وكانوا يمشون وراء رجال الملك وبينهم عونين من البرلمان لابراز انهم يشكلون هيئة مستقلة عن اناس البلاط .
ولم يتخل المحامون عن ارتداء البذلة خارج المحاكم إلا عند نهاية عهد لويس الرابع عشر (1643-1715 ) حيث بدؤوا يرتدون ما يعرف ببذلة المدينة (le costume de ville ) التي كانت في البداية سوداء قاتمة وكان لابد من انتظار نهاية القرن التاسع عشر ليبدأ المحامون في ارتداء ملابس كلاسيكية عادية وحتى بالوان مختلفة مثلهم مثل الآخرين. ولن اتكلم عن لباس المرأة المحامية في السابق باعتبار انه لم يتم السماح للمرأة بمزاولة مهنة المحاماة بفرنسا مثلا الا بحلول الفاتح من دجنبر من سنة 1900 وكانت النساء الفرنسيات ممنوعات من ارتداء السروال ولم يتم ازالة المنع الا سنة 1909 ولكن لمن تركبن الدراجة والحصان فقط. اما المحاميات القبرصيات فكن مجبرات على ارتداء كسوة كلاسيكية و قميص ابيض( chemisier blanc et tailleur classique ) كما كن ممنوعات من ارتداء السروال. وبقي الامر على هذا النحو حتى بداية سنة 2005 حيث تم السماح لهن بارتداء السروال شريطة ان يكون كلاسيكيا و قاتم اللون .
وقد تم منع البذلة المهنية للمحامي مع الثورة الفرنسية سنة 1793 وكان لابد من انتظار مرسوم 2 يوليوز 1810 لإعادة الاعتبار لمهنة المحاماة وللمحامين و لجدولهم وبذلتهم من قبل نابليون بونابارت . وكانت البذلة تخضع لتقاليد وأعراف مهنة المحاماة ولم يتم تقنينها من قبل المشرع الفرنسي إلا بقانون 31 دجنبر 1971.
اما في المغرب فلم يتطرق ظهير 12 غشت 1913 للبذلة المهنية للمحامي وكان لابد من انتظار ظهير 10 يناير 1924 لمعالجة قضية البذلة اذ نص في الفصل 29 منه على ما يلي:
" يرتدي المحامون بالجلسات نفس البذلة التي يرتديها المحامون بفرنسا.
لا يجوز للمحامي أن يمثل أمام جلسة محكمة ما إلا مرتديا بذلة المحامي".
وبتاريخ 18 دجنبر 1923 وقعت بباريز اتفاقية قضت بجعل مدينة طنجة ونواحيها منطقة دولية ونصت على إنشاء محكمة مختلطة بها.
وبموجب ظهير 16 فبراير 1924 تم إحداث هذه المحكمة.
وبتاريخ 30 مارس 1946 وضعت هذه المحكمة نظاما للمحاماة نسخ بنظام آخر بتاريخ 20 دجنبر 1949 نص بالفصل 19 منه على ما يلي:
" لا يسمح للمحامي المقيد الحضور بالجلسة إلا وهو مرتديا بذلة البلدة التي ينتمي إليها"
أما القانون الأساسي المنظم لإدارة شؤون نقابة المحامين بتطوان المصادق عليه بموجب الظهير الخليفي المؤرخ في 16 رمضان 1354 الموافق ل 13 دجنبر 1935 فإنه تطرق للبذلة المهنية للمحامين بالفصل 15 الذي ينص على ما يلي:
" يجب على المحامين أن يمتثلوا لدى المحاكم بلباس أسود باتخاذ البذلة الرسمية والقلنسوة الواجبة ما عدا الشارة المتعلقة التي تدل على انهم من أعضاء الهيئة. على أن يتخذوها عندما يحضرون بهذه الصفة.
"على المحامين عند دخولهم وخروجهم من قاعة المحكمة المطلوب حضورهم فيها بقصد المرافعة في القضايا وعند الابتداء في خط الدفاع وعندما الرئيس يطلب التلفظ بالقسم أو الوعد الواجب قانونا أن يرفعوا قلانسهم عن رؤوسهم علامة الاحترام واعتبار المحكمة. ويقومون بلفظ خطابهم الدفاعي لدى أية محكمة كانت في مقاعدهم، أمامهم مائدة موضوعة عليها كتبهم وأوراقهم وهذه المقاعد تكون في المرافع وعلى حد متساو وفي ذات الرصيف الموجودة فيه المحكمة التي
تكون لديها في المرافعة وتكون مراكزهم بهيئة ان لا يكون ظهرهم لجهة الجمهور، وعندما يقوم أحد المحامين الموجود تحت المحكمة بالدفاع عن نفسه يجب أن ينقل اللباس الأسود المفرد وأن يشغل المحل المعد للمحامين أما إن كان له من يدافع عنه فلا يحق له نقل اللباس الرسمي المختص بالمهنة وعليه ان يشغل المحل الذي تعينه له المحكمة".
أما ظهير 1-59-102 المؤرخ في 18/5/1959 بشأن تنظيم هيئة المحامين ومزاولة مهنة المحاماة فإنه نص بالمادة 31 على انه:
" لا يخول للمحامي أن يمثل أمام جلسة محكمة ما إلا مرتديا جبة المحامي "
وأتى هذا الظهير ولأول مرة ليعاقب من يرتدي البذلة الرسمية للمحامي بدون حق حيث نص بالفصل 67 منه على ما يلي:
" تطبق العقوبات المقررة في الفصل السابق الذكر( سجن تتراوح مدته بين ستة أشهر وثلاث سنوات وبغرامة يتراوح مبلغها بين 120.000 و 720.000 فرنك) على كل شخص يرتدي أمام أية محكمة كانت جبة المحامين أو أية بذلة مماثلة من شأنها أن تفهم منها مزاولة مهنة المحاماة ". وهي اول مرة تحمى البذلة المهنية للمحامي من قبل المشرع.
وجاء بعد ذلك المرسوم الملكي بمثابة قانون رقم 81665 بتاريخ 28 رمضان 1388 الموافق ل 19 دجنبر 1968 المنظمة بموجبه نقابات المحامين ومزاولة مهنة المحاماة لينص بالفصل 31 على ما يلي :
" ايا كانت المحكمة التي يتقدم اليها المحامي فان هذا الاخير لا يمكنه ان يظهر في قاعات المحاكمات الا مرتذيا لباس المحاماة".
كما ورد بنفس القانون وبالفصل 66 منه النقل شبه الحرفي للفصل 67 من قانون 1959 اذ جاء يقضي بما يلي :" تطبق العقوبات المقررة في فصل السابق ( ستة اشهر الى ثلاثة سنوات وغرامة من 1200 الى 2200 درهم ) على كل شخص يرتدي من غير حق امام محكمة من المحاكم لباس المحامي او أي لباس شبيه به يمكن ان يوهم انه يزاول مهنة المحاماة" .
أما الظهير رقم 1-79-306 المؤرخ بتاريخ 17 ذي الحجة 1399 الموافق ل 8 نونبر 1979 والمتضمن للأمر بتنفيذ القانون رقم 79-19 الذي تنظم بموجبه نقابات المحامين ومزاولة مهنة المحاماة فإنه نص بالمادة 41 على انه:
"يتعين على المحامي أن لا يحضر في قاعة الجلسات بجميع المحاكم إلا مرتديا بذلة المحاماة"
كما تنص الفقرة 2 من الفصل 125 على ما يلي:
" يعاقب كل شخص ارتدى من غير حق أمام أية محكمة من المحاكم بذلة المحامي أو بذلة تشابهها يمكن أن توهم انه يزاول مهنة المحاماة بالعقوبات المنصوص عليها في الفصل 382 من مجموعة القانون الجنائي"
والفصل 382 من مجموعة القانون الجنائي تنص على ما يلي :
" من تزيا علنا بغير حق بزي نظامي او ببذلة مميزة لاحدى الوظائف او الصفات او بشارة رسمية او وسام وطني او اجنبي يعاقب بالحبس من ثلاثة اشهر الى سنة وغرامة من مائتين الى الف درهم، او باحدى هاتين العقوبتين فقط ما لم يكون الفعل ظرفا مشددا في جريمة اشد".
تم جاء بعد ذلك الظهير الشريف رقم 1.93.162 الصادر في 22 ربيع الأول 4191 الموافق للعاشر من شتنبر 1993 المعتبر بمثابة قانون والذي يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة كما وقع تغييره وتتميمه بموجب قانون 10-8- 1996 ونص بالمادة 37 على انه:
" لا يحق للمحامي ان يمثل أمام الهيئات القضائية والتأديبية إلا إذا كان مرتديا بذلة المحاماة"
/>