الأرض المحجبة
صوّروها جنّة سحريّة
من رحيق وورود شفقّيه
وأراقوا في رباها صورا
من حنان ، وتسابيح نقيّه
ثم قالوا إن فيها بلسما
هيّأته لجراح البشرية
وأردناها فلم نظفر بها
ورجعنا لأمانينا الشقية
ھھھ
الملايين عيون ظمئت
عزّ أن تملك سلوى واحده
والملايين شفاه عطشت
ليس ترويها الوعود الباردة
ذلك المشتعل هاتوه فقد
أكل الليل العيون الساهدة
وأمرّوه على أشباحنا
لتروا لون دمانا الجامدة
ھھھ
عمرنا كان طريقا معتما
فأنيروه إلى القبر أخيرا
وصبانا كان جرحا ساهدا
يشرب الملح ويقتات السعيرا
وأغانينا رصفناها أسى
وسقفناها غيوما وهجيرا
وهو انا والنى بعناهما
واشترينا بهما حزنا كثيرا
ھھھ
أين ذاك النبع ؟ في أيّ ضحى
سنلاقيه ؟ وفي أية ليله ؟
لم نزل نحفر في أعمارنا
ظلمات ليس فيها طيف شعله
وزحفنا وجررنا معنا
ألف قيد في الأكف المضمحلّه
ووجدنا دربنا مقبرة
ما لنا فيها سوى الموت أدلّه
ھھھ
حدّثونا عن رخاء ناعم
فوجدنا دربنا جوعا وعريا
وسمعنا عن نقاء وشذى
فرأينا حولنا قبحا وخزيا
ورتعنا في شقاء قاتل
وكفانا بؤسنا شبعا وريّا
وعرينا وكسونا غيرنا
وكسبنا القيد والدمع السخيّا
ھھھ
أين تلك الأرض ؟ من حجبّها ؟
نحن شدناها برنّات الفؤوس
وأجعنا في الدجى أطفالنا
لنغذّيها وجدنا بالنفوس
وزرعنا وحصدنا عمرنا
وجنينا ظلمة الدهر العبوس
وسقينا أرضها من دمنا
ومنحناها لأرباب الكؤوس
ھھھ
أين تلك الأرض ؟ هل حان لنا
أن نراها أم ستبقى مغلقه ؟
لم تزل فينا حنينا صامتا
وابتهالا في شفاه مطبقه
والملايين حنين جارف
يتلظّى ورؤى محترقه
افتحوا الباب فقد صاح بنا
صوت آلاف الضحايا المرهقه
ھھھ
صوتهم خشّنه البؤس فما
فيه دفء أو بريق أو ليونه
وحشاه الدمع ملحا قاسيا
وشكايات وجوعا وخشونه
صوتهم خالطه الصبر وكم
قد صبرنا في شحوب وسكينه
لعنة الحسّ علينا إن يكن
غدنا كالأمس أقيادا مهينه