عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: ((إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ, فَإِنَّهُ بَرَكَةٌ, فَإِنْ لَمْ يَجِدْ تَمْرًا فَالْمَاءُ, فَإِنَّهُ طَهُورٌ))
[أخرجه الترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه في سننهم]
وثمة حديث آخر عن شمائله صلى الله عليه و سلم، أو عن سيرته العملية، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, قَالَ: ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ, فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتُمَيْرَاتٌ, فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُمَيْرَاتٌ, حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ))
[ أخرجهما الترمذي وأبو داود في سننهما]
أيها الأخوة, لا شك أن وراء هذه السنة النبوية إرشادًا حكيمًا، وفوائد جليلة، وحِكمًا عظيمة، لقد اختار النبي عليه الصلاة والسلام هذه الأطعمة دون سواها لفوائدها الصحية الجليلة، وليست فقط لتوافرها في بيئته الصحراوية، فعندما يبدأ الصائم في تناول إفطاره تتنبه الأجهزة، ويبدأ الجهاز الهضمي في عمله، وخصوصاً المعدة التي نريد أن نتلطف بها، ونحاول إيقاظها باللين، والصائم في تلك الحال بحاجة إلى مصدر سكري سريع يدفع عنه الجوع، مثلما يكون في حاجة إلى الماء، وأسرع المواد الغذائية على الإطلاق التي يمكن امتصاصها، ويمكن وصولها إلى الدم هي المواد السكرية، وبخاصة تلك التي تحوي على سكريات أحادية، والتمر يحتوي على سكريات أحادية، فسكره ينتقل من الفم إلى الدم في بضع دقائق، لذلك كان النبي يأكل التمرات, ويصلي ركيعات، ويشعر بالشبع، فإذا أقبل على الطعام, أقبل عليه متوازناً .
الجسم يستطيع امتصاص هذه السكريات الأحادية بسهولة وسرعة خلال دقائق معدودة ، ولا سيما إذا كانت المعدة والأمعاء خالية، كما هي عليه الحال عند الصائم، هذه التمرات تقضي على الجوع والعطش مع حسوات الماء، وقد أظهرت التحاليل الكيماوية: أن الجزء المأكول من التمر يساوي خمسة وثمانين إلى سبعة وثمانين بالمئة من وزنه، وأنه يحتوي نسبة من الماء من عشرين إلى أربعة وعشرين، وسبعين إلى خمسة, وسبعين سكريات، واثنين إلى ثلاثة بروتينات، وثمانية ونصف بالمئة ألياف، وأثر زهيد من المواد الدهنية .
أيها الأخوة, تناول الرطب أو التمر عند بدء الإفطار, يزود الجسم بنسبة كبيرة من المواد السكرية، فتزول أعراض نقص السكر، ويتنشط الجسم، وإن خلو المعدة والأمعاء من الطعام يجعلهما قادرَيْن على امتصاص هذه المواد السكرية بسرعة كبيرة، وإن احتواء التمر والرطب على المواد السكرية بصورة بسيطة يجعل عملية هضمها سهلاً، فإن ثلثي المادة السكرية الموجودة في التمر تكون على صور بسيطة، وهكذا فقد أكد النبي عليه الصلاة و السلام بهذه السنة المتميزة, أنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى .
و الحمد لله رب العالمين .