الأدب و قضايا المجتمع المعاصر

و في العصر الحديث تنبّهت الشّعوب العربية لحقوقها،فعرفت أنّ للـشّعـوب في أوروبا مهابة يترضاها الحكام،فتأثر الشّعراء بهذه النّهضة،و بتلك النزعة،و أخذوا يفصحون عن مشكلات الشّعوب العربيّة من علل تعوق ركب النّهضة و تقدّم الـشّعوب،و كـان مـن أهـمّ هذه المشكلات؛تحالف الجهل و الفقر و المرض على الطّبقة الدّنيا من الشّعب،كما أنّ المدنية الحديثة المستوردة من أوروبا قد أفسدت كثيرًا الشّباب،و أخذوا يلتقطون رذائلها،ففشت نقائص كثيرة،أخذ يئنّ منها المجتمع العربيّ، لذلك تبلور الأدب الاجتماعي،و أخذ صوته يعلو تجاوبًـا مع الجماهير العربيّة،فتناول الشّعراء القضايا ذات الطّابع الاجتماعيّ بدافع الإصلاح فذهبوا يصفون الدّاءو يشخصونه،ويحثون أولي الأمر على العناية بالشّعب،وحلّ مشكلاته،وينصحون أبناء الأمّة بالبعد عن الآفات الاجتماعيّة التي تقوّض دعائم نهضتهم.
فكان للأدب الاجتماعيّ دور هامّ في لفت انتباه النّاس إلى أدوائهم و أمراضهم،و من ثمّ في جعلهم أكثر حيـطةً مـن كـلّ مـا يكدّر عنهم صفو حياتهم.و بفضل تنوّعه و ثرائه استطاع أن يسهم في ترقيّة المجتمعات العربيّة و توعيتها بعيوبها و آفاتها.فالتّنويـه بفضل العلم و الحثّ على تربيّة المرأة و إحلالها في المجتمع مكانها الطّبيعيّ،و الإشادة بالعدالة الاجتماعيّة كلّها أمور أسهمت في هذه التّرقيّة.و أهم
الموضوعات التي تناولها هذا الشعر هي:ـ
1 ـ الدّعوة إلى تعليم الفتاة : كقول حافظ إبراهيم : الأمّ مـدرسـة إذا أعــدّدتـــهـا أعدّدت شعبا طـيّـب الأعـراق
2 ـ الدّعوة إلى نشر التّعليم: كقول أحمد شوقيّ : ترك النّفوس بلا علم ولا أدب ترك المريـض بلا طبّ و لا آس
3 ـ الإشادة يالعمّال و تثمين العمل : كقول شوقيّ : أيّها العمّال افنـوا الــــــــــــــــــعـــمــــر كـــدّا و اكــتــسـابــا
و اعـــمـــروا الأرض فـلـــولا سـعـيـكـم أمــســت خــرابـــا
4 ـ الدّعوة إلى التّكافل الاجتماعيّ : يقول الرّصافيّ على لسان الأرملة: ـ
و أجـهـشـت ثــمّ قـالـت وهي بـاكـيــة: واها لـمثـلك مـن ذي رقّـة واها
لو عمّ في النّاس حسّ مثل حسّك لي ما تاه في فلوات الفقر من تاها
لو كـان في الـنّـفـس إنصـاف و مرحـمة لم تشك أرملة ضنـكـا بدنـيـاهـا
5 ـ الدّعوة إلى مكارم الأخلاق : يقول شوقيّ: إنّما الأمـم الأخلاق مـا بـقـيـت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهـبـوا
6 ـ التّنديد بوضع المرأة : يقول جميل صدقي الزّهاوي: أمّا العراق ففيه الأمر يختلــف فـقـد ألـمّ بـنـصف الأمّـة الــشّلـل
كم قد تزوّج ذو السّتين يانعـة و الشّيب في رأسه كالنّار يشتعل