هكذا نزع بن بلة الخارجية من بوتفليقة واستنجد بي للتخلص من بومدين
الحلقة الثالثة
تناول العقيد زبيري في الحلقة الماضية خلفيات وتفاصيل إعدام العقيد محمد شعباني نائب قائد الأركان، وفي هذه الحلقة سيبدأ العقيد زبيري في رواية القصة الكاملة للانقلاب العسكري الذي اشترك فيه مع بومدين لتنحية الرئيس أحمد بن بلة أول رئيس للجزائر المستقلة، ويكشف عن الخلفيات الحقيقية وراء انحيازه لبومدين رغم أن بن بلة كان يرى فيه الحليف المناسب لإضعاف هيمنة بومدين على الجيش.
بن بلة يقضي على خصومه
تمكن بن بلة بدعم من بومدين من إزاحة أبرز خصومه السياسيين والعسكريين، بداية من الباءات الثلاث الأقوياء الذين قادوا الثورة إلى النصر، والذين كانوا يمثلون صقور الحكومة الجزائرية المؤقتة، ومع ذلك رفض بن بلة أن يكون ثلاثتهم ضمن المكتب السياسي الذي استلم السلطة من الهيئة التنفيذية المؤقتة بالروشي نوار.
كما اعتقل بن بلة بوضياف أحد الزعماء التاريخيين الذي كان ينافسه على الشرعية التاريخية وسمح له بالخروج إلى المغرب، وأنهى المعارضة المسلحة لحسين آيت أحمد في منطقة القبائل، وقبله أنهى معارضة الولاية الرابعة وسيطرتها على العاصمة في أزمة صائفة 1962 واستطاع إقناع محند أولحاج بإيقاف معارضته المسلحة في الولاية الثالثة، خاصة بعد أن قام المغرب بالاعتداء على أجزاء من الأراضي الجزائرية.
ولم يكتف بن بلة بإقصاء خصومه ومعارضيه من المعادلة السياسية، بل أدى تفرده بالحكم في الكثير من القضايا إلى وقوعه في صدام مع حلفائه السياسيين والعسكريين، على غرار ما حدث مع فرحات عباس الذي انتخب رئيسا للمجلس التأسيسي في 1962 متفوقا على بن بلة ـ الذي ترشح لنفس المنصب ـ بعدد الأصوات، مما جعل هذا الأخير ينفيه بعد ذلك إلى الصحراء، أما محمد خيضر الأمين العام للحزب فالتحق بالمعارضة في الخارج وكان إلى جانبه رابح بيطاط الذي انتقد تفرد بن بلة في اتخاذ القرارات الحاسمة، خاصة في عملية التحضير للمؤتمر الأول للحزب، كما ألقى بن بلة القبض على العقيد شعباني وأنهى تمرده بالجنوب.
وسعى بن بلة إلى تجميع مختلف السلطات بيده فهو إلى جانب كونه رئيسا للجمهورية يتولى رئاسة الحكومة واضطر وزير الداخلية أحمد مدغري للاستقالة بعدما نزع من يده صلاحية الأمن والولاة، كما تولى وزارة المالية ووزارة الإعلام والأمين العام للحزب، فضلا عن كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأصبح يجمع الصلاحيات من حوله ويقلص من نفوذ حلفائه في السلطة.
كان بن بلة منتشيا بالشعبية التي يتمتع بها في الداخل والخارج، وأصبح يتصرف كزعيم ثوري مثله مثل جمال عبد الناصر ونيكروما وكاسترو وسوكارنو وموديبو كايتا، بحيث تتركز جميع السلطات السياسية والعسكرية حوله متناسيا مبدأ القيادة الجماعية الذي سنه المفجرون الأوائل للثورة.
السعي لتقليص نفوذ بومدين على الجيش
ولم يكن بومدين ينظر بعين الرضا إلى سياسة بن بلة الانفرادية في اتخاذ القرارات وتجميع السلطات، خاصة وأن بن بلة لم يكن يستشيره في الكثير من القرارات السياسية بداية من اختياره لمندوبي المجلس التأسيسي في صائفة 1962 وصولا إلى تفرده في التحضير للمؤتمر الأول للحزب في 1964 .
وعندما قرر بن بلة تعيين شعباني قائدا للأركان باقتراح من خيضر شعر بومدين أن بن بلة يسعى لسحب البساط من تحت قدميه، وجاءت تصريحات خيضر "الجيش إلى الثكنات" لتزيد الطين بلة، خاصة وأن بن بلة ظلّ صامتا إزاء الانتقادات التي وجهها كبار الضباط بمن فيهم بومدين وشعباني لتصريحات خيضر مما أعطى الانطباع وكأن بن بلة يشاطره الرأي.
ومما زاد الشكوك في هذا الشأن انفراد بن بلة في تحضير المؤتمر الأول لجبهة التحرير الوطني في 1964 دون إشراك بومدين وكبار الضباط في اختيار أعضاء اللجنة المركزية للحزب ومندوبي المؤتمر، ما دفع بومدين وقايد أحمد المدعو سي سليمان وعبد العزيز بوتفليقة وشريف بلقاسم وأحمد مدغري إلى تقديم استقالتهم الجماعية، ولم أكن معهم في هذا الأمر رفقة علي منجلي الذي استطاع بن بلة أن يسحبه من مدار بومدين ويقربه إلى صفه، ورفض بن بلة قبول استقالتهم قبيل انعقاد المؤتمر خشية أن تفجر هذه الاستقالات الخلافات بين المندوبين قد تصعب السيطرة على الوضع، وربما حاول بومدين قيادة انقلاب عسكري ضده، لذلك سعى لامتصاص غضب العسكريين بتعيين بومدين وشعباني وأنا وعلي منجلي في المكتب السياسي للحزب إلى جانب أعضاء سياسيين كأحمد محساس وبومعزة، وآيت الحسين مسؤول فدرالية فرنسا، وعبد العزيز بوتفليقة ومحمدي السعيد.
بن بلة يطلب مني الوقوف إلى جانبه للإطاحة ببومدين
بن بلة كان يعتقد بأنني إلى صفه في صراعه الخفي ضد بومدين على أساس أنه هو من وضع ثقته في شخصي وعيّنني قائدا للأركان، ولكنني كنت أعلم جيدا كيف تم تعييني، وبومدين حكى لي تفاصيل ما حدث ودوره في ذلك، كما أنني لم أقف إلى جانب بومدين عندما قدم رفقة ما عرف بـ"جماعة وجدة" استقالتهم الجماعية في مؤتمر الحزب، وهو ما عزز الاعتقاد لدى بن بلة أنني لست في صف بومدين لذلك أراد أن يتحالف معي مرحليا، ولكني لم أكن أثق به كل الثقة بعدما رأيت انفراده بالسلطة.
وقبيل انعقاد المؤتمر الآفروآسيوي في جوان 1965 قام بن بلة بجولة إلى كل من الأوراس وسكيكدة وعنابة بشرق البلاد، واصطحبني معه في هذه الجولة رفقة عدد من أعضاء المكتب السياسي، وفي المساء توجهنا إلى إقامة الدولة في تبسة التي كانت حينها دائرة إدارية، واجتمع إطارات الدولة الكبار حول مائدة طويلة لتناول العشاء، ولكن بن بلة بعد العشاء مباشرة حمل كرسيه وخرج إلى الفناء وجلس يفكر ثم نادى عليَّ: "أحضر كرسيا واجلس بجنبي".
جلست بالقرب من بن بلة وأنا أصغي لما يريد أن يقوله بإمعان، فبادرني بقول فيه الكثير من التصميم:
ـ الجماعة هددوني في المؤتمر بتقديم استقالاتهم وأرادوا أن يفتحوا عليّ أزمة غداة المؤتمر، أما الآن فسأذهب وأطلب منهم تقديم استقالتهم.. وأروح إلى الإذاعة وأعلن الأمر.
أردت أن أهدئ من روعه وأقنعه بالتراجع عن قرار خطير مثل هذا والذي لن يجلب الخير للبلاد، فقلت له:
ـ لا داعي لمزيد من الأزمات، ضع لجنة مصغرة لحل الأزمة.
لكنه ردّ عليّ كمن حسم أمره ويريدني أن أسانده فيه فقال:
ـ كن إلى جنبي وخاطيك (ولا عليك).
ـ لا أريد أن تكون هناك أزمة.
عندما التقيت مع بومدين أخبرته أن "سي أحمد غضبان ويلوم عليكم"، وتجنبت إخباره بكامل الحقيقة حتى لا أزيد النار اشتعالا، لكن بومدين كان قد بلغه ما يخطط له بن بلة وأصبح هو الآخر يخطط لأمر جلل، فقد وصلته نتيجة الاستشارة لإطارات الدولة بشأن سياسة بن بلة الانفرادية.
بومدين: بن بلة سيزيحنا جميعا
عندما عدنا من جولتنا الخارجية إلى المعسكر الشرقي رويت لبومدين ما قاله لي بن بلة "الحمد لله عهد الموس ولى" وكيف رددت على كلمته الجارحة، فقال لي بومدين: "بن بلة سيزيحنا جميعا"، وبدا وكأن بومدين صار يتعمد جمع أخطاء بن بلة وترويجها في أوساط كبار الضباط، وأصبح أحمد مدغري وقايد أحمد يجتمعان عند بومدين وينتقدون سياسة بن بلة بأكثر جرأة، ورغم أن بوتفليقة كان يساند بومدين إلا أنه لم يكن يحضر هذه الاجتماعات.
من جهته شعر بن بلة أن الجيش أفلت من يده لصالح بومدين، وشكا ذلك لجمال عبد الناصر خلال زيارته للجزائر، معتبرا أن "بومدين يسيّر الجيش وكأنه ملك"، فرد عليه عبد الناصر مازحا "أنت لديك بومدين وأنا لدي عبد الحكيم عامر"، وكان هذا الأخير قائدا للجيش المصري برتبة مشير (ماريشال)، ووقعت بينه وبين عبد الناصر خلافات أدت إلى إقالة المشير عامر بعد تحميله مسؤولية هزيمة جوان 1967 ضد إسرائيل.
لم يبق أمام بن بلة من يناطحه على السلطة سوى حليفه بومدين وجماعة وجدة، لذلك سعى لاستقطابها لإضعاف بومدين لكنه لم يفلح في ذلك، فبوتفليقة ظل وفيا لبومدين وكذلك قايد أحمد ومدغري وشريف بلقاسم، لذلك سعى بن بلة لإقصاء الأطراف من أجل إضعاف المركز، وكان يجري كل هذا أمام ناظري بومدين الذي كان في أغلب الأحيان صامتا ويراقب الأمور بحذر، فكل طرف كان يعلم ما يدور بخلد الآخر من توجسات، وأصبح السؤال من يتغدى بالآخر أولا قبل أن يتعشى به؟ وهل سيظل بومدين صامتا إزاء محاولات بن بلة لإضعافه قبل التخلص منه؟
بن بلة ينتزع الخارجية من بوتفليقة
في الوقت الذي ذهب بومدين لوحده إلى القاهرة في ماي 1965 للإعداد لإنشاء المجلس العربي للدفاع المشترك طبقا لمقررات القمة العربية الأولى، استدعى بن بلة بوتفليقة بصفته وزيرا للخارجية وأبلغه قراره بإلغاء وزارة الخارجية وتحويله للعمل معه في الرئاسة وقال له "خلـِّي الوزارة وتعالى عندنا في الرئاسة".
وجاء بوتفليقة إلى مكتبي في وزارة الدفاع محبطا وقلقا وأخبرني ماذا قال له بن بلة، فغضبت لهذا الأمر لأن بن بلة أصبح يعزل رجال بومدين الواحد تلو الآخر، فقلت لبوتفليقة: "بومدين ليس هنا ولم يترك لي النيابة، وأنت عضو في المكتب السياسي، لذلك إبقى في مكتبك وخلي بن بلة يأتي بالشرطة ليعزلك، وسأرسل تلغرافا لبومدين حتى يأتي للجزائر في الحال"، وبالفعل أرسلنا تلغرافا إلى بومدين حتى يعجل بالعودة إلى البلاد.
أصبح في حكم المؤكد أن بن بلة يريد أن "يزيحنا جميعا" كما قال بومدين، فحتى شريف بلقاسم وزير الإرشاد القومي قام بن بلة بتقليص صلاحياته وانتزاع قطاع الإعلام من وزارته وجعله من صلاحيات الرئيس، وقال لي بن بلة حينها إنه "سيعين عبد العزيز زرداني مديرا للإذاعة والتلفزيون".
عند وصول بومدين إلى المطار قادما من القاهرة كنا جميعا في انتظاره، أي جميع الغاضبين على بن بلة: عبد العزيز بوتفليقة وأحمد مدغري وقايد أحمد وشريف بلقاسم وشابو وأنا، اجتمعنا لمناقشة الوضع، وكان قايد أحمد أكثر المنتقدين لبن بلة بينما ظل بومدين صامتا، والتحق بهذا الاجتماع كل من سعيد عبيد وعبد الرحمان بن سالم ومحمد الصالح يحياوي الذي كان غاضبا من بن بلة بعد أن قال له في أحد الاجتماعات وأمام الجميع "ماذا تفعل هنا؟".
بومدين اقترح الاستقالة الجماعية
توجهت بعد هذا الاجتماع المستعجل إلى وزارة الدفاع في السيارة ولحق بي بومدين في سيارته وقال لي "بعد ساعة سيأتي الإخوة عندك لنتحدث عن الوضع"، وعلى الساعة الثامنة مساء جاءني إلى البيت كل من بومدين وبوتفليقة وقايد أحمد ومدغري وشريف بلقاسم.
وتركز النقاش على انتقاد سياسة بن بلة في شتى المجالات، حيث اتهم بوتفليقة بن بلة بالتبذير والإسراف في التحضير للمؤتمر الآفروآسياوي الذي كان مقررا عقده في الجزائر في 22 جوان 1965 حيث تم تشييد فندق الأوراسي ذي الخمس نجوم، وقصر المؤتمرات بنادي الصنوبر واللذان كلفا الدولة ميزانية معتبرة، وتساءل بوتفليقة باستهجان "إلى أين نحن ذاهبون؟".
شريف بلقاسم بدوره لم يرحم بن بلة بانتقاداته اللاذعة، لكن قايد أحمد كان أكثرهم انتقادا، وعلق قائلا "قدمنا له الحكم على طبق من ذهب ويريد منا أن نستقيل"، كان كل من شريف بلقاسم وقايد أحمد ومدغري يرغبون في الإطاحة ببن بلة دون أن يصرحوا بذلك لأنهم كانوا ينتظرون ما يقوله بومدين لأنه هو مفتاح الانقلاب مادام الجيش في يده، في حين بقيت صامتا أستمع لهذه الانتقادات، وحينها أخذ بومدين الكلمة وقال:
ـ هذا السيد يحب الجزائر يلبسها سروال وحدو، هيا نخويو البلاد ونخليوه على روحو.
وكان بومدين يقصد أن بن بلة يريد أن يحكم الجزائر لوحده وعلى مقاسه، واقترح أن نقدم استقالة جماعية من مناصب المسؤولية في الجيش وفي المكتب السياسي وتركه يواجه مشاكل البلاد ومحنها بمفرده.
ثم استدار بومدين نحوي وسألني ليخرجني من صمتي وليجس نبضي ويعرف ما يدور في خلدي:
ـ سي الطاهر ماذا عندك؟
فقلت له "لماذا نخويو البلاد؟" وأضفت "نخويو البلاد معناه نقدم استقالاتنا، والاستقالة يعني لا موقف" واقترحت عليه أن نوّسع الاستشارة إلى الإطارات السياسية والعسكرية بشأن سياسة بن بلة.
فوافقني بومدين الرأي وقال:
ـ عندك حق.. بعد خمسة أيام نلتقي عندي في البيت ونتكلم في الموضوع.
وقررنا استشارة قادة النواحي العسكرية وأعضاء المكتب السياسي وقال بومدين إنه "سيستشير محساس وبومعزة (وزيران وعضوان في المكتب السياسي)"، واجتمعنا مجددا في بيت بومدين لتدارس نتيجة الاستشارة وكان حاضرا معنا هذه المرة الطيبي العربي مدير الأمن الوطني والذي كان هو الآخر متعاطفا معنا.
وإلى حد هذه اللحظة لم تكن فكرة الانقلاب على بن بلة مطروحة أصلا، كما أنني لم أكن أعتبر نفسي إلى صف بومدين ضد بن بلة، بل كنت على الحياد وأسعى إلى تقريب وجهات النظر بين الطرفين وتطييب خواطرهم تجاه بعضهم البعض، إلا أنني كنت دوما أميل للجيش، فما كان يهمني أكثر هو وحدة الجيش ووحدة البلاد بغض النظر عن الأشخاص.
بن بلة يخطط لإقالة بومدين خلال القمة الآفرو آسياوية
كثرت الاجتماعات في بيت بومدين الواقع بشارع سويداني بوجمعة وكان بيتا صغيرا، وذات مرة دخل علينا الطيبي العربي مدير الأمن الوطني والذي كان بيته ملاصقا لبيت بومدين ولا يفصل بينهما سوى حائط، وقد أشركناه في اجتماعاتنا، وكنا نخشى أن يدخل بن بلة إلى بيت بومدين فجأة فيجدنا عنده فيرتاب في الأمر، لذلك قمنا فيما بعد بفتح باب في الحائط الذي يفصل المنزلين حتى يمكننا الاختباء فيه في حالة وجود أي زيارة مفاجئة لبن بلة أو رجاله لبيت بومدين لسبب أو لآخر.
وبلغَت بومدين معلومات مؤكدة أن بن بلة ينوي إقالة جميع الضباط والسياسيين الذين قدموا استقالاتهم في المؤتمر الأول لجبهة التحرير الوطني، وسيعلن عن ذلك في الإذاعة ليلة انعقاد المؤتمر الآفرو ـ آسياوي الذي سيحضره عدد كبير من زعماء ورؤساء إفريقيا وآسيا مما سيجعل بومدين وجماعته مكبلين من القيام بأي ردة فعل في ظل هذا الظرف.
الزبيري يروي في مذكراته كيف داهم الجيش بيت سي أحمد وهو بلباس النوم
ليلة القبض على الرئيس بن بلة
كان هادئا وهو يعيش آخر لحظات حكمه كأول رئيس للجزائر
الحلقة الرابعة
بعد أن تناول العقيد زبيري في الحلقة السابقة محاولات الرئيس بن بلة تقليص نفوذ ما يعرف بجماعة وجدة وعلى رأسهم العقيد بومدين، ستتناول هذه الحلقة كيف قام بومدين والعقيد زبيري ومن معهما بتنحية بن بله من الحكم لحظة بلحظة، شدوا أنفاسكم وتابعوا...
قادة الجيش يجمعون على إنهاء الحكم الفردي
تحول انتقاد سياسة بن بله إلى إجماع بضرورة الإطاحة به والقضاء على سياسة الحكم الفردي التي يتبناها، وذلك بعد جس النبض الذي قام به بومدين وجماعة وجدة للإطارات السياسية والعسكرية للدولة، وقبل أيام معدودة من انعقاد المؤتمر الآفرو آسيوي دخل ستتنا زائد كل من سعيد عبيد ويحياوي والعقيد عباس (6 + 3) دار بومدين، وعبر الباب السري ولجنا دار الطيبي العربي في غرفة سرية خاصة بهذه الاجتماعات، ولم تكن عائلة العربي تقيم في هذا البيت بعد تعيينه سفيرا في دولة في أمريكا اللاتينية.
اتفقنا في هذا الاجتماع على أن تكون ليلة 19 جوان 1965 تاريخا لإنهاء الحكم الفردي لبن بله، أي قبل ثلاثة أيام من انعقاد المؤتمر الآفرو آسيوي وقبل وصول الزعماء والرؤساء إلى الجزائر، ولكن بقي السؤال كيف نطيح به؟ وأين؟
طُرحت فكرة إلقاء القبض على بن بله عندما يذهب لوهران لمشاهدة مباراة ودية في كرة القدم بين الفريق الوطني الجزائري ونظيره البرازيلي الذي كان يلعب في صفوفه النجم "بيلي"، ولكن اعتقاله في مطار وهران من شأنه أن يخلق لنا مشاكل، لأننا خشينا أن يهجم الشعب علينا ويحبط العملية، خاصة وأن بن بله كان يتمتع بشعبية كبيرة، ولم نتفق في تحليلنا على تبني هذه الخطة في وهران، ولكن لم يكن أمامنا الكثير من الوقت لذلك اتفقنا على اعتقاله مباشرة من مقر إقامته في فيلا جولي.
خلافي مع بومدين حول كيفية العودة إلى الشرعية
النقطة الحساسة الأخرى التي حرصت على إثارتها في حينها، "كيف ومتى نعود إلى الشرعية بعد نجاح التصحيح الثوري الذي يعد في أصله خروجا عن الشرعية من الناحية الدستورية" لذلك قلت لبومدين ومن معنا في الاجتماع:
ـ نغير الوضع ولكننا غدا ـ لا قدر الله ـ قد لا نتفق، فهل سنبقى دائما داخل الأزمات؟ يجب تحديد الوقت لإعادة الشرعية للبلاد.
فردّ علي قايد أحمد "نعيدها بعد عام أو عامين"، لكن بومدين كان قاطعا في هذه المسألة "لا عام ولا عامين... لا يجب أن نضع أنفسنا في قالب ضيّق، فإذا ساعدتنا الظروف سنعيد الشرعية في أقرب وقت سواء عبر مؤتمر جبهة التحرير أو عبر الانتخابات".
لم أكن مطمئنا لإجابة بومدين الذي رفض وضع أيّ رزنامة لإعادة الشرعية للبلاد، بل ترك الأمور يلفها الغموض بشأن هذه النقطة الحساسة، لأن مشكل الشرعية منذ الاستقلال بل حتى خلال الثورة كان أحد الأسباب الرئيسية للخلافات بين زعماء وقادة الجزائر، مما قد يعيدنا إلى نفس الصراعات والأزمات وهذا ما جعلني أقرر نزع يدي من مشروع هذا الانقلاب الذي تسوده الضبابية فقلت لهم بخيبة أمل:
ـ إذا كنا سندخل في أزمات وخلافات فيبدو لي أن الأفضل لي أن أعود إلى بيتي، وأنتم الله يهنيكم.
وهنا تدخل قايد أحمد وحاول إقناعي بالعدول على قراري وترك المسائل الخلافية تحل حسب الظروف وقال لي مترجيا "لماذا تنسحب الآن وقد بدأنا مع بعضنا البعض"، كما تدخل بومدين لتطميني وتهدئة هواجسي، خاصة وأنني كنت متخوفا من أن يأتي ذلك اليوم الذي قد نجد أنفسنا مكرهين على مواجهة بعضنا البعض، مثلما حدث لبن بله مع أصدقائه خاصة خيضر وبيطاط.
كنا نميل إلى إعادة الشرعية للبلاد عن طريق مؤتمر حزب جبهة التحرير الوطني أكثر من ميلنا للانتخابات العامة، لأننا كنا نعتبر أن بن بله نظم المؤتمر الرابع لحزب جبهة التحرير بمفرده ودون استشارة أحد، لذلك كان لابد لنا من إلغائه وإعادة تنظيمه من جديد.
النقطة الأخرى التي أثارت الخلاف بيني وبين بومدين اقتراحه بضم أحمد دراية ومحمود قنز وشريف مساعدية لمجلس الثورة لكني رفضت ذلك بشكل مطلق لأنني لم أكن أثق في ولائهم، بل هددت بالانسحاب إن تم ضمهم إلى القيادة، ونزل بومدين عند طلبي ولم يكن يسعى لإغضابي، خاصة وأنه يعلم وزني في الجيش وقدرتي على إفشال مخططه في أي لحظة.
خطة التصحيح الثوري
لم يعد أمامنا الكثير من الوقت، فالمؤتمر الآفرو آسيوي قد اقترب تاريخ انعقاده، وإن لم نسرع فسيطيح بن بله برؤوس ما يسمى بجماعة وجدة من قيادة الجيش والحزب ولا أحد يدري من سيكون الضحية الأخرى بعدهم.
كانت خطتنا على بساطتها تحتاج إلى رجال ثقاة وأخذ كل الاحتياطات لتجنب أي مفاجآت غير متوقعة، خاصة وأن بن بله إلى جانب كونه رئيسا للجمهورية ويتمتع بشعبية كان رجلا ذكيا ومقاتلا يجيد استعمال السلاح، وله رجال مسلحون يخضعون لسلطته المباشرة، بل شرع منذ شهور في تشكيل "ميليشيات" وضع على رأسها محمود قنز ونائبه قنان وساعده في تشكيلها الرائد علي منجلي، وكانت هذه الميليشيات تقلق بال بومدين كثيرا بل أكثر من أي شيء آخر لأنه كان يعتبرها تنظيما موازيا للجيش، لذلك سعى إلى تحييدها باستعمال دهائه السياسي واستقطاب محمود قنز إلى صفه وهو أحد الرجال الذين كان يعول عليهم بن بله لمواجهة بومدين.
بن بله كان يقيم في فيلا جولي بالطابق الخامس وتحرسه وحدات من الأمن الوطني التي لم نكن نثق في ولائها للجيش، لذلك كانت خطتنا وباقتراح من سعيد عبيد قائد الناحية العسكرية الأولى تعتمد على استبدال حرس بن بله بالطلبة الضباط المتدربين بالأكاديمية العسكرية بشرشال ليتم تأهيلهم ليكونوا قادة فيالق وكان من بينهم المرحوم العقيد علي تونسي المدير السابق للأمن الوطني على حد ما رواه لي شخصيا في مكتبه.
لكن كان لابد من الحصول على اللباس الخاص بوحدات الأمن الوطني حتى يرتديها ضباط الأكاديمية، لذلك وقبل يوم واحد على التصحيح الثوري استدعى بومدين أحمد دراية مسؤول وحدات الأمن الوطني وسأله بشكل صارم "أنت مع الجيش أو ضده"، فرد دراية بحزم "أكيد أنا مع الجيش"، فأخبره بومدين بقرار الجيش تنحية بن بله، وطلب منه التعاون معنا في مسألة تبديل الحراسة وتزويدهم باللباس الخاص بالوحدات الأمنية التي يقودها.
أخذ أحمد دراية في نفس اليوم (18 جوان 1965) ضباط الأكاديمية العسكرية بشرشال معه وأعطاهم ألبسة خاصة بوحدات الأمن الوطني، استعدادا لتغيير الحراسة على التاسعة ليلا بحرس ليسوا حقيقيين ولكنهم من رجال الجيش وليسوا من الأمن الوطني، فمن طبيعة أفراد الجيش أن يتضامنوا مع مؤسسة الجيش.
من جهة أخرى عقد بومدين اجتماعا مع قادة النواحي العسكرية قبل أقل من 24 ساعة من تنفيذ العملية، سعيد عبيد قائد الناحية العسكرية الأولى (البليدة)، الشاذلي بن جديد قائد الناحية العسكرية الثانية (وهران)، صالح السوفي قائد الناحية العسكرية الثالثة (بشار)، أما أحمد عبد الغني قائد الناحية العسكرية الخامسة (قسنطينة) فكنا نخشى من ولائه لبن بله فأرسلناه في مهمة إلى الصين وكوريا الشمالية لمدة شهر ولم يعد إلا بعدما كنا قد أنهينا كل شيء في غيابه.
وفي هذا الاجتماع وضع بومدين قادة النواحي العسكرية أمام حقيقة الوضع، فلم يلق منهم سوى الاستجابة، ولم يبق في الجيش أي ضابط سامي يقف ضد التصحيح الثوري وحتى وإن كان هناك ضباط وجنود يتعاطفون مع بن بله إلا أنهم كانوا أفرادا ولم يكن بإمكانهم القيام بأي شيء بعد أن اتفق كبار ضباط الجيش على تنحية بن بله من الحكم.
شهر من التحضيرات للتصحيح الثوري قد شارفت على الانتهاء، كنا ستة رجال فقط بومدين وأنا وبوتفليقة وشريف بلقاسم وقايد أحمد ومدغري، ولكننا وسعنا المجموعة إلى سعيد عبيد والعقيد عباس ومحمد صالح يحياوي والبقية تركناهم في المراحل التالية، ولم يعد يفصلنا عن الموعد الحاسم سوى 24 ساعة.
كان يوم 18 جوان 1965 طويلا وليله يكاد لا يعرف له نهاية، القلق كان يراودنا جميعا رغم محاولتنا إخفاءه، بعد هذه الليلة سيعاد كتابة التاريخ لنا أو علينا، لأن المنتصر هو عادة من يكتب هذا التاريخ، إذا نجحنا فقد ننهي زمن الحكم الفردي ونحيي القيادة الجماعية المبنية على التشاور وتقبل اختلاف الرأي، إن فشلنا ـ لا قدر الله ـ سيزداد تجبر "الزعيم" وستملأ السجون وتنصب المحاكم العرفية للإطاحة بالرؤوس المعارضة للحكم الفردي، ولن يقدر أحد بعد ذلك على تنحية الزعيم من السلطة إلا الموت، سيصبح حينها بن بله رئيسا للجزائر مدى الحياة.
ليلة القبض على بن بله
في ليلة 18 إلى 19 جوان كان بن بله قد ارتدى ملابس نومه وتمدد في سريره، لا أدري ماذا كان يشعر لحظتها لكن الأكيد أنه لم يكن يعلم أن أمرا جللا سيحدث بعد ساعات سيغير مسار حياته ويقلبها رأسا على عقب، كانت لحظات حاسمة في تاريخ الجزائر عندما تقدم ضباط الأكاديمية العسكرية بشرشال بلباس وحدات الأمن لاستلام مهام الحراسة على الساعة التاسعة ليلا بشكل طبيعي دون أن يثير ذلك شكوك الحرس الخاص لبن بله الذين عادوا إلى وحداتهم وبيوتهم ليخلدوا إلى الراحة.
الطلبة الضباط لأكاديمية شرشال ورغم المهمة التي أنيطت بهم إلا أنهم لم يكونوا إلى تلك اللحظة يعلمون بأنهم مكلفون بإنهاء حكم "الزعيم"، ولا شك أن فضولهم كان يدعوهم إلى التساؤل عن سر ارتدائهم للباس الأمن بدل لباسهم العسكري وفي مقر الرئاسة بالذات وفي جنح الليل.
وعلى الواحدة فجرا من صبيحة 19 جوان 1965 وصلت إلى فيلا جولي مرفوقا بالرائد محمد صالح يحياوي والرائد سعيد عبيد والرائد عبد الرحمان بن سالم ومعنا نحو عشرة جنود مدججين بالسلاح، وصعدنا الدرج بثبات إلى الطابق الخامس أين كان الرئيس أحمد بن بله نائما في غرفته.
كنت حينها أركز في المهمة التي أوكلت لي، ولم أكن أشعر بأي قلق حيال خطورتها لثقتي أن الجيش بجميع ضباطه الكبار بمن فيهم الضباط الفارين من الجيش الفرنسي كانوا يقفون إلى جانبنا رغم أني لم أكن أتصور من قبل أن يأتي اليوم وألقي فيه القبض على الرئيس أحمد بن بله بكل ما يمثله من رمزية سياسية وتاريخية وما يتمتع به من شعبية في الداخل والخارج.
كان الصعود إلى الطابق الخامس عبر الدرج وفي تلك اللحظات التاريخية والحاسمة طويلا ولكنه كان أكثر أمانا من المصعد، الذي لا يمكنه أن يحمل 14 رجلا معا مما يعني أن فينا من سيتخلف عن الجماعة، وفي لحظة ضعف أو تردد أي واحد فينا قد يفسد كل شيء، لذلك اخترت أن نصعد في كوكبة واحدة إلى الأعلى حتى نتفادى أسوأ الاحتمالات.
لحظتها تساءلت كيف ستكون ردة فعل الرئيس بن بلة عندما نطرق عليه الباب، هل سيفتحه أم أنه سيحتمي خلفه؟ كيف سنتصرف في حالة استطاع الفرار واللجوء إلى إحدى السفارات القريبة؟ لم يكن أمامنا حينها أي مجال للتردد، كنت مصرا على إنهاء حكم بن بله واعتقاله ولو اضطرني الأمر إلى كسر باب غرفة نومه، بل وحصار الحي الدبلوماسي واقتحام السفارات التي يمكن أن يكون قد لجأ إليها ولو أدى ذلك إلى كسر كل الأعراف الدبلوماسية وتحمل عواقب ذلك، فمهمتنا لم تكن تحتمل سوى النجاح ولا شيء غير النجاح، وإلا ستصبح رؤوسنا ثمنا لأي تردد.
وصلنا الطابق الخامس ودقت ساعة الحسم، فتقدمت من غرفة نوم الرئيس وطرقت بابه بثقة، ودون أن يفتحه صاح بن بله:
ـ اشكون (من)؟
فقلت له بحزم:
ـ سي أحمد.. أنت لم تبق رئيسا للجمهورية، وقد تشكل مجلس الثورة، وأنت تمشي معنا الآن في أمان الله.
تقدم بن بله من الباب وفتحه قليلا بحيث يراني ويرى من معي، وكان يرتدي لباس النوم ثم خاطبني قائلا:
ـ لو جئت وحدك مع السعيد عبيد لأتيت معكما أينما أردتما، فلماذا كل هذه الخوذات والأقنعة؟
ـ هذا من أجل الأمن، وأنت في أمان الله.
ـ سأرتدي ملابسي وآتيكم.
بعد لحظات خرج بن بله مرتديا سترة ذات لون بني فاتح وسروالا من القطيفة، ودون أن نلمسه أو نقيد يديه أو أن يبدي أدنى مقاومة نزل معنا في المصعد إلى الطابق الأرضي رفقة عدد من الضباط، وكلفت السعيد عبيد وأحمد دراية بأن يأتيا بسيارة عسكرية من نوع "لاندروفر" لنقل بن بله إلى المكان المحدد في الخطة، فنزلا رفقة بقية الجنود عبر الدرج.
ولكن الغريب أننا ونحن محيطين ببن بله بأسلحتنا وخوذاتنا لم ألمح في عينيه لا القلق ولا الفزع بل كان متينا وهادئا وهو يعيش آخر لحظات حكمه كأول رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة.
تأخر السعيد عبيد ودراية فأمرت بإحضار كرسي لمن كان قبل لحظات رئيسا للجمهورية، فجلس بن بله على الكرسي وحينها لفت وجوده انتباه طلبة الأكاديمية العسكرية بشرشال الذين أخذوا يقتربون منه بدافع الفضول للتأكد من إن كان هذا الجالس على الكرسي هو نفسه أحمد بن بله الذي شغل اسمه سماء الجزائر من أقصاها إلى أدناها.
خشيت أن يتمكن بن بله من انتزاع السلاح من أحد الضباط في غفلة منهم وهم يقتربون منه غير مستوعبين ما يحدث فصحت عليهم "إذهبوا بعيدا.. إذهبوا بعيدا.. لو يمسك رشاشا سيقتلنا جميعا".
كنت أدرك جيدا القدرات القتالية التي يتمتع بها بن بله خاصة وأنه كان أحد المقاتلين المميزين في الحرب العالمية الثانية كيف لا وهو أحد أبطال معركة كاسينو بإيطاليا مما دفع الرئيس الفرنسي ديغول إلى تكريمه على بطولاته خلال الحرب ضد النازية، كما كان رياضيا مشهورا في فريق مرسيليا لكرة القدم، وبنيته العضلية سمحت له بالهروب من سجن البليدة خلال الاحتلال الفرنسي، كما نجا من محاولتي اغتيال نفذتهما ضده عصابة "اليد الحمراء" الفرنسية الإرهابية في مصر وليبيا، لذلك كنت حذرا أشد الحذر من هذا الرجل الذي لم أكن أحمل تجاهه أدنى ضغينة شخصية ولكنه ذهب بعيدا في سعيه للانفراد بالسلطة، واعتبار نفسه المؤسس الثاني للدولة الجزائرية بعد الأمير عبد القادر.
وصلت سيارة الجيب العسكرية فأركبنا بن بله بداخلها بعد أن قيدنا يديه بالأغلال نظرا لخطورته رغم كل الاحترام الذي أكنه لهذه الشخصية التاريخية التي ساهمت في هندسة الثورة الجزائرية إلا أن احتياطات الأمن كانت تفرض علينا عدم التهاون معه.
ركبت مع بن بله والحرس معنا لكي أضمن نجاح المهمة بنفسي وخاصة لأتأكد أن حياة بن بله لن تتعرض لأي مكروه رغم أن فكرة قتله ـ وللتاريخ ـ لم تبدر عن أي واحد من مخططي الإطاحة به، وشخصيا كنت دائما مقتنعا بأن التصفية الجسدية ليست أبدا الأسلوب الأنسب الذي يجب أن تحل به الخلافات السياسية.
وتوجهنا إلى أحد القصور بحيدرة وهناك وضعناه تحت الإقامة الجبرية وتولى السعيد عبيد قائد الناحية العسكرية الأولى وأحمد دراية مسؤول وحدات الأمن الوطني مهمة حراسته مع عدد هام من الجنود.
توجهت مباشرة إلى وزارة الدفاع أين كان بومدين يعيش تحت ضغط قاتل وهو يروح ويجيء لا يدري ماذا سيكون مصيره بعد هذه العملية الخطيرة، ولكني ما إن قابلته حتى طمأنته بقولي "العملية تمت بنجاح"، فتنفس الصعداء لكن القلق لم يبارحه فلم يكن يعلم كيف سيكون رد الشعب وأصدقاء بن بله في الداخل والخارج عندما يعلمون بإطاحتنا بنظام حكمه.